تسعى مصر إلى توطين صناعة زيوت النخيل بالتعاون مع ماليزيا، التي تعد ثاني أكبر سوق منتجة لهذا الصنف في العالم، من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه المادة ومن ثم العمل على تصديرها في مرحلة لاحقة. ونقلت وكالة الأنباء المصرية الرسمية عن وزير التموين علي مصيلحي قوله إن بلاده "تدرس إنشاء مجمع للزيوت النباتية بمنطقة قناة السويس بالتعاون مع ماليزيا لتوريد زيت النخيل". وأوضح في كلمته أثناء افتتاح مؤتمر "الاستثمار والترويج لصناعة الزيوت" أن المجمع سوف يكون "نقطة لتجميع الزيوت ويمكن التصدير من خلاله". وأكد مصيلحي أن هناك تقدما كبيرا بالتعاون مع الجانب الماليزي لإنشاء مناطق لتخزين زيت النخيل بمنطقة قناة السويس، لافتا إلى العمل الجاد على توطين صناعة الزيوت، وزيادة المساحات المزروعة بالمحاصيل الزيتية. وسبق أن استقبلت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة المصرية قبل أشهر وفدا من ماليزيا لبحث الاستثمار في العديد من الصناعات من بينها الزيوت النباتية.
وتعتمد مصر بشكل أساسي على استيراد الزيوت من الخارج وغالبيتها من إندونيسيا وماليزيا وأوكرانيا، من خلال استيراد البذور وعصرها محليا أو استيراد الزيوت النباتية الخام لتكريرها أو زيوت مكررة تتم تعبئتها محليا. ولكن مع اندلاع الحرب في شرق أوروبا ارتفعت أسعار الزيوت إلى مستويات قياسية، ومع حظر إندونيسيا تصدير زيوت النخيل الذي أدى إلى زيادة إرباك الأسواق العالمية، اندفعت القاهرة إلى توطين هذه الصناعة محليا لتوفير المادة الخام بدلا من استيرادها. ويستهلك أكبر بلد عربي من حيث تعداد السكان كميات هائلة من زيوت النخيل سنويا، لكنه لا يزرع منها أيّ مساحات محليا، ولذلك توفر الحكومة كامل الاحتياجات عبر الاستيراد. وأشار مصيلحي إلى أن معدل الاستهلاك السنوي من زيت الطعام في السوق المصرية يصل إلى حوالي 2.4 مليون طن سنويا. ووفقا لبيانات وزارة الزراعة الأميركية تستورد مصر قرابة 1.7 مليون طن من الزيوت نباتية في صورتها الخام، من 3 أنواع رئيسة هي النخيل ودوار الشمس والذرة، وتستحوذ واردات النخيل على نحو ثلثي الواردات السنوية.
ومن الواضح أن القاهرة تتطلع لأن تكون مركزا رئيسيا لتصنيع زيت النخيل الماليزي وتصديره إلى دول المنطقة والاستفادة من المزايا النسبية بتوقيعها على اتفاقات التجارة الحرة مع الدول العربية والأفريقية والأوروبية. وبحسب المسؤولين المصريين ومن بينهم محمد عبدالوهاب، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، فإن القاهرة تهدف إلى الاستعانة بخبرات ماليزيا في إنتاج زيت النخيل واستخدامه في الصناعات الغذائية. وتشير التقديرات، وذلك استنادا إلى المنصتين الإلكترونيتين وورلد أطلس وستاتيستا، إلى أن ماليزيا التي تأتي بعد إندونيسيا في إنتاج زيت النخيل تنتج حوالي 16 مليون طن سنويا.
وفي محاولة للتغلب على المنغصات، قالت الهيئة العامة للسلع التموينية، مشتري الحبوب في مصر، السبت الماضي، إنها تسعى "للحصول على زيوت نباتية في ممارسة شراء دولية للتسليم في الفترة من الـ25 نوفمبر والـ10 من ديسمبر المقبلين". وأوضحت في بيان أنه "يتعين على التجار تقديم عطاءات الدفع من خلال خطابات اعتماد مدتها 180 يوما، على أن يكون الموعد النهائي لتقديم العروض هو الثلاثاء الموافق الرابع من أكتوبر الجاري". كما طرحت الهيئة ممارسة لشراء زيوت نباتية محلية بما لا يقل عن ثلاثة آلاف طن من زيت الصويا وألف طن من زيت دوار الشمس للتسليم في أول 15 يوما من ديسمبر المقبل على أن يكون الموعد النهائي لتقديم العروض أيضا هو الرابع من أكتوبر الجاري.