مع الارتفاع الكبير في أسعار النفط والغاز والتقدم في جهود تعزيز الصادرات ودعم تواجد المنتج العماني في الأسواق الخارجية، قفزت الصادرات السلعية النفطية وغير النفطية لسلطنة عمان إلى مستوى قياسي جديد بنهاية يوليو الماضي وبلغت 14,7 مليار ريال عماني، مقارنة مع 9 مليارات ريال عماني بنهاية الفترة نفسها من العام الماضي. وتمثل الزيادة المحققة في حجم الصادرات خلال الفترة من يناير حتى يوليو من العام الجاري نموا بنسبة 63,6 بالمائة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، فيما سجلت واردات سلطنة عمان بنهاية يوليو من العام الجاري 8,8 مليار ريال عماني.
ومن ناحية أخرى، تشير حسابات «عمان الاقتصادي» إلى أن حجم الفائض التجاري بنهاية يوليو صعد إلى نحو 5,9 مليار ريال عماني، وهو ما يتجاوز حجم الفائض التجاري الذي تحقق خلال العام الماضي بأكمله والذي كان قد بلغ ما يزيد عن 4 مليارات ريال عماني، وكان فائض الميزان التجاري لسلطنة عمان قد تجاوز 4 مليارات ريال بحلول منتصف العام الجاري مع حجم واردات نحو 8,2 مليار ريال عماني، وصادرات بقيمة 11,7 مليار ريال عماني و623 ألف ريال من أنشطة إعادة التصدير بنهاية النصف الأول من العام. ويعد الفائض التجاري هو حجم الفارق ما بين قيمة الصادرات وأنشطة إعادة التصدير من جانب وبين قيمة الواردات من جانب آخر.
وتلقت الصادرات العمانية دعما كبيرا من الزيادة الكبيرة في قيمة صادرات النفط والغاز وكذلك الصادرات غير النفطية، حيث أوضحت الإحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات أن قيمة صادرات النفط والغاز بلغت 9,5 مليار ريال عماني بنهاية يوليو بزيادة 80.8 بالمائة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي. ويتضمن ذلك 6,8 مليار ريال عماني من صادرات النفط الخام و1,1 مليار ريال عماني من صادرات النفط المصفى و1,6 مليار ريال عماني من صادرات الغاز الطبيعي المسال. وكانت الفترة من يناير حتى يوليو 2021 قد شهدت تصدير نفط وغاز بقيمة 5,3 مليار ريال عماني.
وصعدت أسعار النفط والغاز بمعدلات كبيرة خلال العام الجاري وهو ما انعكس إيجابا على حجم العائدات العامة من تصدير النفط والغاز، وقد أشارت وزارة المالية إلى أن الميزانية العامة لسلطنة عمان بنهاية شهر أغسطس الماضي حققت فائضا ماليا بلغ نحو مليار و90 مليون ريال عُماني في حين كانت الميزانية العامة قد سجلت عجزا ماليا خلال الفترة نفسها من عام 2021، كما رصدت نشرة الأداء المالي الصادرة عن وزارة المالية ارتفاع الإيرادات العامة للدولة بنسبة 47.3 بالمائة مسجلة نحو 9,3 مليار ريال عماني مع نهاية شهر أغسطس 2022.
من جانب آخر، واصلت الصادرات غير النفطية الارتفاع بمعدلات جيدة وبلغ إجماليها 4,4 مليار ريال عماني بنمو نسبته 54,5 بالمائة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، ويشمل ذلك أنشطة إعادة التصدير بقيمة 725 مليون ريال عماني. وكانت النسبة الغالبة من الصادرات غير النفطية منتجات صناعية تعزز من تواجد المنتج العماني في الأسواق الخارجية، و تتصدرها المنتجات المعدنية بقيمة 1,2 مليار ريال عماني وهو ما يمثل زيادة بنسبة 165 بالمائة مقارنة مع حجم ما تم تصديره من منتجات معدنية خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بينما تم تصدير معادن عادية ومصنوعاتها بقيمة 914 مليون ريال عماني بارتفاع 32 بالمائة مقارنة مع العام الماضي، ومنتجات للصناعات الكيماوية بقيمة 841 مليون ريال عماني بزيادة 40 بالمائة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، كما قفزت صادرات منتجات البلاستيك والمطاط بنسبة 56 بالمائة لتسجل قيمتها 716 مليون ريال عماني. وخلال شهر يوليو فقط تم تصدير ما قيمته 673 مليون ريال من السلع والمنتجات غير النفطية. ويذكر أن حجم الصادرات خلال العام الماضي بأكمله كان قد سجل 16,5 مليار ريال عماني.
وتجد الصادرات العمانية غير النفطية اهتماما كبيرا من قبل كافة الجهات المعنية كأحد الروافد الرئيسية للتنويع الاقتصادي وكمصدر للعائدات العامة ولما تمثله من أهمية في توسيع الصناعات العمانية وتشجيعها على التصدير إلى الخارج، وفي إطار تعزيز الصادرات العمانية، تضمنت خطة التحفيز الاقتصادي حوافر تشمل إعداد برنامج تمويلي من بنك التنمية العماني لتعزيز الصادرات والخدمات العمانية، وذلك بالتعاون بين الوزارة ووكالة ضمان ائتمان الصادرات العمانية، بما يسهم في زيادة الصادرات العمانية وفتح أسواق جديدة لها في دول العالم، وفي مارس من العام الماضي، ووفق التوجيهات السامية لصاحب الجلالة أطلقت سلطنة عمان برنامجا وطنيا لجلب الاستثمارات الخاصة وتعزيز حضور الصادرات العمانية في الأسواق الخارجية، ويعد البرنامج أحد مسرعات المرحلة الأولى للخطة التنفيذية لـ «رؤية عُمان 2040» والمرتبطة بمحور الاقتصاد والتنمية -بالإضافة لبرنامج الاستدامة المالية- ليكون أحد المحفزات ضمن منظومة دعم الاقتصاد الوطني، ويعمل البرنامج على تحليل بيئة الاستثمار بالنسبة لرأس المال المحلي ورأس المال الأجنبي والتحديات التي تواجهها والآليات المناسبة لتحسينها مع الاستفادة من التجارب الدولية، وضمن هذا البرنامج المهم يتم التركيز على الصادرات العمانية ودعم وصولها للأسواق الخارجية لتصبح رافدا رئيسيا من روافد الاقتصاد الوطني.
وتعزيزا للمستهدفات الوطنية نحو دعم الصادرات، أطلقت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار مبادرة المسار السريع كإحدى المبادرات الرئيسية لبرنامج استثمر في عُمان (البرنامج الوطني للاستثمار) بهدف تسريع إنجاز وإنهاء عدد من المشروعات الاستثمارية عبر دعمها ومساندتها والتأكيد على سير العمل بالشكل المطلوب ضمن جهود الوزارة الرامية إلى تحسين بيئة الأعمال وجلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى سلطنة عُمان، ويتم دراسة المشروعات الاستثمارية قيد التنفيذ أو التطوير للعمل على توفير جميع احتياجات المستثمرين من أجل تهيئة بيئة استثمارية خصبة لجلب الاستثمارات لسلطنة عُمان. وكان قد تم إطلاق برنامج استثمر في عُمان (البرنامج الوطني للاستثمار) في مارس2021 بهدف التركيز على تعزيز وتمكين دور القطاع الخاص في قيادة التنمية الاقتصادية من خلال جلب الاستثمارات ومساندة تنمية الصادرات في الأسواق الخارجية، وهو من مستهدفات الخطة الخمسية العاشرة (2021 / 2025)، وتسعى الوزارة من خلال مبادرة المسار السريع إلى تسريع وتيرة إنجاز أو إنهاء عدد من المشروعات الاستثمارية التي قطعت شوطا وتحتاج للدعم، ولتسريع التنفيذ عبر مساندتها بتوفير التراخيص وتخصيص الأراضي وتوقيع حق الانتفاع وتخصيص أو توصيل الطاقة أو ارتفاع تسعيرتها بالإضافة إلى طلبات الإعفاءات الضريبية. وتركز سلطنة عمان على دعم سياسات التنويع وتشجيع المشروعات في قطاعات الطاقة المتجددة والصناعة والتعدين والسياحة والخدمات اللوجستية والأمن الغذائي وتعد المشروعات الجديدة في مختلف القطاعات الركيزة الأساسية لزيادة عرض السلع وتلبية احتياجات السوق المحلي، فضلا عن تعزيز حجم الصادرات وزيادة نطاق التنويع الاقتصادي.