من المقرر أن تبدأ لندن وأنقرة العام القادم مفاوضات حول اتفاقية تجارية أكثر شمولية بحسب تصريح وزير الصادرات البريطاني يوم الخميس، وذلك بهدف إضافة مجالات جديدة للتعاون التجاري القائم بين البلدين وتعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية. ووقعت تركيا والمملكة المتحدة اتفاقية التجارة الحرة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي ما ساهم في تدعيم الشراكة التجارية الثنائية التي تزيد قيمتها عن 25 مليار دولار. وبحلول 1 يناير/كانون الثاني أصبحت الاتفاقية سارية التطبيق عندما غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي رسمياً. واعتبر هذا الاتفاق التجاري الأهم لتركيا منذ عام 1995 حين أبرمت البلاد اتفاقية الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي. وقال "غراهام ستيوارت" وزير الصادرات البريطاني: "نعتقد نحن والحكومة التركية أن هناك إمكانات كبيرة لتطوير مجالات جديدة لتعزيز التعاون التجاري". وفي معرض حديثه مع وكالة أنباء الأناضول أوضح "ستيوارت": "لهذا السبب سنتفاوض على اتفاقية تجارة حرة أكثر شمولاً العام المقبل" مشدداً على أهمية الاتفاق الحالي بالنسبة للتجارة الثنائية الجارية. ووفقاً لبيانات جمعية المصدرين الأتراك سجلت صادرات تركيا إلى المملكة المتحدة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي ارتفاعاً بنسبة 36.5% بين شهري يناير/كانون الثاني إلى يوليو/تموز من هذا العام. محققةً أكثر من 6.95 مليار دولار، مقابل ما يقرب من 5.1 مليار دولار قبل عام.
وقال "ستيوارت" إن الشحن بين البلدين زاد بنسبة 70% خلال العقد الماضي وصولاً إلى عام 2019، مما رفع حجم التبادل التجاري إلى ما يقرب من 27.48 مليار دولار. ومع ذلك، أكد المسؤولون على هدف التوصل إلى اتفاق جديد أكثر طموحاً في الفترة المقبلة. ومن المتوقع أن يتم توسيع الاتفاقية الحالية لتشمل مجالات مثل الاستثمارات والخدمات. وقال "ستيوارت" إن اتفاقية التجارة الحرة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كانت مهمة من أجل ضمان استمرار التجارة الثنائية. وأشار إلى أن الحكومتين ستجريان مفاوضات بشأن صفقة أكثر شمولاً العام المقبل "لأننا نعتقد أن المملكة المتحدة وتركيا يمكنهما تحقيق المزيد من التعاون وأنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به". وشدد ستيوارت على الرغبة المتزايدة للشركات التركية للاستثمار في بريطانيا. وقال: "المملكة المتحدة منفتحة على الأسواق العالمية التي لم تكن متاحة أمامنا أثناء وجودنا في الاتحاد الأوروبي. ولهذا أعتقد أن بإمكاننا منح الشركات التركية فرصة الوصول إلى العالمية، فضلاً عن الوصول إلى المراكز المالية الرائدة في العالم وأفضل أنظمة التعليم الجامعي في أوروبا". وأردف بالقول: "نشهد أيضاً المزيد من الشركات الناشئة والمشاريع التكنولوجية التركية التي تتطلع إلى إطلاق أو توسيع عملياتها في المملكة المتحدة مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى".
وقال "ستيوارت" إن التقدم التكنولوجي ضروري في العديد من المجالات للتعامل مع مشاكل مثل تغير المناخ وشيخوخة السكان ومستقبل التنقل، لافتاً إلى أن استثمارات رؤوس الأموال نمت في المملكة المتحدة حتى خلال فترة الوباء. وشدد على أن تركيا "قوة اقتصادية هامة" منوهاً بأداء صادراتها الذي وصفه بأنه قرار الشعب التركي وقال: "تزداد تركيا ثراءً وعالميةً في جميع المجالات. وهي تمثل سوقاً جذابةً للغاية. ولهذا نرى الكثير من المؤسسات الاقتصادية البريطانية العملاقة تستثمر في تركيا، وسنشجعهم على فعل المزيد في المستقبل". وأشار إلى أنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يمكن لحكومة بريطانيا والشركات البريطانية القيام به مع تركيا، مشدداً من بين أمور أخرى على خبرة تركيا في مجال الطائرات بدون طيار والأنظمة المستقلة. وأضاف: "يجب تشجيع التعاون ليس فقط على المستوى الحكومي ولكن بين المؤسسات أيضاً". وفي سياق آخر أعرب "ستيوارت" عن أمله بأن تخطو تركيا والمملكة المتحدة خطوات كبيرة معاً بشأن القضايا المتعلقة بتغير المناخ، لا سيما في مجالات مثل تكنولوجيا النمو الصناعي الأخضر والسيارات الكهربائية. وقال إن العمل معاً للتصدي لتغير المناخ يمكن أن يساعد في رفع مستوى العلاقات التجارية بين البلدين. مشيراً إلى أن الحكومة البريطانية تركز حالياً على أحد أكبر التحديات التي تواجه البشرية ألا وهو تغير المناخ، وهي تسعي لوقف ارتفاع درجة حرارة الأرض مستشهداً باستضافة المملكة المتحدة لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ المعروف باسم COP26، والمقرر عقده في الفترة من 1 إلى 12 نوفمبر/تشرين الثاني.
وفي إشارة إلى العديد من الأتراك المتعلمين تعليماً عالياً الذين يعملون في الهندسة والتصنيع ويتعاملون مع تكنولوجيا النمو الصناعي النظيف والسيارات الكهربائية، قال إن مشاركة الخبرة والمعرفة البريطانية مع نظيرتها التركية يمكن أن تحقق الكثير من المنافع وأوضح أن "تجربتنا في تركيب شواحن السيارات الكهربائية على سبيل المثال، ستكون حاسمة لتحقيق الأهداف المناخية في إسطنبول وخارجها". وأضاف: "يمكن إنشاء سوق لشركات مثل TOGG لإنتاج السيارات الكهربائية التركية هنا في بلادنا" مشيراً إلى مجموعة Automobile Joint Venture Group في تركيا، التي تعمل على تطوير أول سيارة تركية محلية الصنع. وتحدث الوزير البريطاني عن رؤيته قائلاً: "أرى أنه تم إنجاز عمل جيد للغاية في مجال الهندسة المتقدمة في تركيا. لقد زرت مجموعة TOGG والتقيت بالفريق هناك. كما التقيت أيضاً برئيس شركة صواريخ Delta V التي تستخدم التكنولوجيا الهجينة بطريقة يمكن أن تكون رائدة عالمياً". وختم "ستيوارت" بالقول إن الجمع بين قدرة المملكة المتحدة عالية التقنية وريادة الأعمال التركية في العديد من مجالات الإنتاج الحالية والتكنولوجيا المستقبلية، يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الاستثمار.