يسود شعور بالإحباط قطاع تجارة التجزئة في ألمانيا، بسبب ضعف مبيعات يوم الميلاد وقلة الزبائن، وعزي ذلك إلى تدابير مكافحة كورونا. ولخص شتيفان جنت الرئيس التنفيذي لرابطة التجارة في ألمانيا نتيجة الاستطلاع الذي أجري بين 750 شركة تجارة بالقول "فترة عيد الميلاد كانت بالنسبة إلى قطاع تجارة التجزئة كارثية للمرة الثانية على التوالي". وبحسب "الألمانية"، أضاف جنت، "عديد من شركات التجارة لديها حالة من الإحباط وخوف على وجودها".
جنت أن أعمال يوم الميلاد بدأت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بشكل جيد، لكن فرض قاعدة "2 جي" في كل أنحاء ألمانيا وفي أجزاء واسعة لقطاع تجارة التجزئة تسبب في انهيار الإيرادات وتردد العملاء في محال التجارة الثابتة. وذكر جنت أن أكثر من 75 في المائة من تجار المواد غير الغذائية ليسوا راضين عن سير أعمال يوم الميلاد. وأفادت نتائج الاستطلاع بأن إيرادات تجارة المواد غير الغذائية في المحال الثابتة انخفضت في الأسبوع السابق ليوم الميلاد بسبب قاعدة "2 جي" لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد، بنسبة 35 في المائة مقارنة بمستواها قبل أزمة كورونا.
وأوضحت النتائج أن الوضع لا يزال مأساويا ولا سيما داخل المدن، حيث انخفضت الإيرادات هناك بنسبة 36 في المائة كما سجل تردد العملاء تراجعا بنسبة 42 في المائة. وكانت محال بيع الملابس مجددا في طليعة المتأثرين بهذه النتائج السيئة. وقال جنت إن "قطاع التجارة لا يسعه سوى أن يأمل في الفترة بين العامين". وفي ظل هذه الخسائر، أكدت الرابطة مطلبها الداعي إلى تقديم مساعدات اقتصادية مناسبة وغير بيروقراطية لتعويض القطاع عن الأضرار التي لحقت به بسبب جائحة كورونا.
يأتي ذلك في وقت كشف فيه مسح حديث أن التفاؤل يسود القطاع الاقتصادي في ألمانيا في نظرته لـ2022 رغم اختناقات التوريد وعدم اليقين بسبب جائحة كورونا. وجاء في الدراسة التي أجراها معهد البحوث الاقتصادية الألماني "آي دابليو"، ونشرت نتائجها أمس "يمكن رصد تفاؤل واسع النطاق بالنسبة إلى 2022". وبحسب المسح، تتوقع أغلبية الاتحادات الاقتصادية الـ48 التي شملها المسح خلال الفترة من منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي حتى مطلع كانون الأول (ديسمبر) الجاري، تحسنا في أعمالها، ولا يتوقع أي قطاع من قطاعات الاقتصاد التي شملها المسح تراجعا في الإنتاج العام المقبل. كما يرى كثير من القطاعات فرصا جيدة لزيادة العمالة. لكن ما يصعب التنبؤ به هو عواقب متحور كورونا الجديد "أوميكرون".
وقال ميشائيل هوتر رئيس المعهد، "تأثيرات أوميكرون لا يمكن التنبؤ بها حاليا. المعلومات الواردة من الدول الأكثر تضررا من المتحور متضاربة.. أفترض أن تتواصل الاتجاهات الاقتصادية نحو العودة إلى الأوضاع الطبيعية واللحاق بالركب فيما يتعلق بالطلبات المتراكمة". وأشار المسح إلى تفاؤل ملحوظ في قطاع تصنيع الآلات وصناعة الصلب والمعادن. ونظرا إلى زيادة دفاتر الطلبات، رفع قطاع تصنيع الآلات توقعاته بشأن الإنتاج. كما يتوقع اتحاد شركات التأجير وقطاع المعلومات، اللذان استفادا من الطلب في سياق الرقمنة، أعمالا أفضل بشكل ملحوظ العام المقبل.
وتتوقع معظم القطاعات "35 قطاعا" نموا معتدلا في 2022. وينطبق هذا أيضا على قطاع البناء، الذي يشهد ازدهارا حقيقيا، لكن النقص في العمال المهرة هناك يضعف الآفاق. وبوجه عام يعزو المعهد تطلعات الإنتاج الجيدة في التصنيع إلى زيادة الاستثمارات حول العالم، التي من المتوقع أن تستفيد منها على وجه الخصوص الشركات الألمانية المصنعة للسلع الاستثمارية مثل الآلات والأنظمة التقنية. في المقابل، لا يتوقع القطاع المالي وقطاع النشر أي قفزات كبيرة العام الجديد. كما يتوقع قطاع التعدين وبناء السفن والتكنولوجيا البحرية وصناعة الجلود ومصانع الورق استقرارا في الأعمال التجارية.
وبحسب المسح، فإن هناك فرصا جيدة لزيادة العمالة في عديد من القطاعات.
ووفقا لذلك، يتوقع 21 اتحادا زيادة العمالة العام المقبل، من بينها قطاعا الصناعات الدوائية والصناعات المعدنية والكهربائية. وفي قطاع البناء وقطاع الحرف، تبحث الشركات بشدة عن عاملين. وتتوقع 19 قطاعا آخر استقرار عدد الموظفين لديها، بينما تتوقع ثمانية قطاعات أخرى خفض العمالة. وفي مجال التمويل، على سبيل المثال، من المرجح أن يؤدي تغير سلوك العملاء - مزيد من الاعتماد على الخدمات المصرفية عبر الإنترنت وتقليل الذهاب إلى الفروع - إلى شطب وظائف. إلى ذلك، أبدى مانفريد كنوف الرئيس التنفيذي لمصرف كومرتس بنك الألماني تفاؤلا مبدئيا حيال العام الجديد، وأعرب عن اعتقاده أن البنك بعد العودة إلى تحقيق أرباح أصبح مستعدا لتحمل عام آخر صعب.