تسير العلاقات التجارية بين الإمارات ودولة الاحتلال الإسرائيلي والتي تقدر حاليا بنحو نصف مليار دولار، في منحى تصاعدي بعد «عدم ارتياح» نجم عن النزاع الأخير في غزة الذي أودى بحياة أكثر من 250 شخصا غالبيتهم العظمى من الفلسطينيين، بحسب مسؤولة إسرائيلية، وفقا لوكالة «فرانس برس». وأصبحت الإمارات في سبتمبر الماضي أول دولة خليجية توقع اتفاقا لتطبيع العلاقات مع الدولة العبرية، قبل أن تحذو حذوها البحرين، ما فتح آفاقا لتعاون تجاري بين أكثر اقتصادين تنوعا في الشرق الأوسط، لكن قمع التظاهرات في القدس الشرقية المحتلة، ثم الغارات الإسرائيلية على غزة التي أودت بحياة 254 فلسطينيا من بينهم 66 طفلا، دفعت كلها الشركاء العرب الجدد للدولة العبرية إلى إدانتها علنا.
مجلس الأعمال الإماراتي الإسرائيلي
وقالت نائبة رئيس بلدية القدس وأحد مؤسسي مجلس الأعمال الإماراتي الإسرائيلي، فلور حسن ناحوم، لوكالة «فرانس برس»الإثنين «فيما يتعلق بالتجارة لا أحد يعرف بالفعل ما هو الرقم ولكننا ننظر إلى حوالي نصف مليار دولار حتى الآن». وأضافت قائلة: «على هامش منتدى تجاري لتعزيز العلاقات بين الجانبين لا سيما في مجالات الصحة والطاقة المتجددة والتقنيات قبل بضعة أشهر كان الرقم عند 300 مليون دولار، وأعتقد أن هذا أعطى دفعة للأمام في الأشهر القليلة الماضية». وتأمل الإمارات ودولة الاحتلال الإسرائيلي اللتان تضرر اقتصادهما بفعل فيروس كورونا، تحقيق مكاسب كبرى من اتفاق التطبيع الذي توسطت فيه الولايات المتحدة، ووقّعت الدولتان بالفعل عدة اتفاقات شملت تسيير رحلات جوية مباشرة وإعفاء المواطنين من التأشيرات وحماية الاستثمارات والعلوم والتكنولوجيا.
وبحسب المسؤولة الإسرائيلية، فإن الأحداث الأخيرة خلقت «عدم ارتياح» مع الشركاء التجاريين الإماراتيين خلال فترة النزاع، وأوضحت «لم يكن الأمر سهلا. شاركت في منتديات مختلفة للإسرائيليين والإماراتيين، وكانت هناك بعض المحادثات غير المريحة لكنّها كانت مهمة». حدث التصعيد بين الإسرائيليين والفلسطينيين على خلفية قضية حي الشيخ جراح في القدس الشرقية، حيث عشرات العائلات الفلسطينية مهددة بخطر خسارة منازلها لصالح جمعيات استيطانية، وانتقل التوتر إلى أنحاء متفرقة من المدينة وباحات المسجد الأقصى. وقالت منظمة «العفو الدولية» إن «إسرائيل استخدمت القوة التعسفية والوحشية ضد المتظاهرين الفلسطينيين السلميين إلى حد كبير في الصدامات في القدس الشرقية والتي أوقعت مئات الإصابات في صفوف المتظاهرين والعشرات من رجال الشرطة».
وتطورت الأحداث إلى حملة عسكرية دامية ضد قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة «حماس» ويسكنه نحو مليوني نسمة، وتفرض دولة الاحتلال الإسرائيلي حصارا عليه منذ قرابة 15 عاما، وتوصّلت دولة الاحتلال وحركة «حماس» في 20 مايو إلى وقف لإطلاق النار عبر جهود مصرية ودخل حيز التنفيذ فجر الجمعة 21 مايو بعد تصعيد خلف 254 قتيلا فلسطينيا. وفي الجانب الإسرائيلي قتل 12 شخصا، بينهم طفل وفتاة عربية على ما أكدت خدمة الطوارئ والإسعاف، وأثارت هذه الأحداث إدانات شديدة من الدول العربية ومن سكانها، وبينها الإمارات حيث دعا مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي إلى مزيد من التضامن مع الفلسطينيين أو حتى مقاطعة دولة الاحتلال الإسرائيلي. وكتب المحامي والكاتب الإماراتي حبيب الملا على «تويتر» في منتصف الشهر الماضي إن إسرائيل أضاعت حملة العلاقات العامة التي قامت بها في العقدين الأخيرين، وحسنت من صورتها ليس أمام الرأي العالمي بل إلى حد ما حتى في المنطقة بحيث أصبح تقبل إسرائيل هو الأصل».
وألغت وزيرة السياحة الإسرائيلية، أوريت فركاش هكوهين، مشاركتها في مؤتمر دولي في الإمارات الشهر الماضي، وقالت فلور لـ«فرانس برس»: «أجرينا محادثات منفتحة للغاية حول نقاط الخلاف. كانت هناك الكثير من التساؤلات حول الحملة العسكرية، ومدى تناسبها، وعن قضية (حي) الشيخ جراح في القدس، وما حدث في المسجد الأقصى». والأسبوع الماضي قرر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فتح تحقيق دولي حول انتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبت في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ أبريل، وأيضا في «الأسباب الجذرية» للتوترات، وعلى الفور ندد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بما اعتبره «قرارا معيبا ويشجع الإرهابيين في العالم أجمع».